syarah arbain nawawi hadits ke: 34
حديث
تغيير المنكر فريضة
ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ
ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺨﺪﺭﻱ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ : ﺳﻤﻌﺖ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ : ( ﻣﻦ ﺭﺃﻯ ﻣﻨﻜﻢ ﻣﻨﻜﺮﺍ ﻓﻠﻴﻐﻴﺮﻩ ﺑﻴﺪﻩ ، ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﻓﺒﻠﺴﺎﻧﻪ ، ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﻓﺒﻘﻠﺒﻪ ، ﻭﺫﻟﻚ ﺃﺿﻌﻒ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ) ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ .
ﺍﻟﺸﺮﺡ
ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺧﻴﺮﻳﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﺎ ﻭﺛﻴﻘﺎ ﺑﺪﻋﻮﺗﻬﺎ ﻟﻠﺤﻖ ، ﻭﺣﻤﺎﻳﺘﻬﺎ ﻟﻠﺪﻳﻦ ، ﻭﻣﺤﺎﺭﺑﺘﻬﺎ ﻟﻠﺒﺎﻃﻞ ؛ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻗﻴﺎﻣﻬﺎ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻳﺤﻘﻖ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺘﻤﻜﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ، ﻭﺭﻓﻊ ﺭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ، ﻭﺗﺤﻜﻴﻢ ﺷﺮﻉ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺩﻳﻨﻪ ، ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻤﻴﺰﻫﺎ ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻢ ، ﻭﻳﺠﻌﻞ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻜﺎﻧﺔ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻐﻴﺮﻫﺎ ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺍﻣﺘﺪﺣﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺣﻴﻦ ﻗﺎﻝ : } ﻛﻨﺘﻢ ﺧﻴﺮ ﺃﻣﺔ ﺃﺧﺮﺟﺖ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺗﺄﻣﺮﻭﻥ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺗﻨﻬﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﻭﺗﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﺎﻟﻠﻪ { ( ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ : 110 ) .
ﻭﻋﻼﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﻓﻲ ﺃﺩﺍﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻲ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﻕ ، ﻭﺣﻤﺎﻳﺔ ﻟﺼﺮﺣﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺼﺪﻉ ، ﻭﺣﻤﺎﻳﺔ ﻟﻬﻮﻳﺘﻪ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﺤﻼﻝ ، ﻭﺇﺑﻘﺎﺀ ﻟﺴﻤﻮﻩ ﻭﺭﻓﻌﺘﻪ ، ﻭﺳﺒﺒﺎ ﻟﻠﻨﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ ﻭﺍﻟﺘﻤﻜﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ، ﻭﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﻣﻦ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻋﻘﺎﺑﻪ .
ﻭﻟﺨﻄﻮﺭﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻭﺃﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ؛ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻌﺮﻑ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ، ﻭﻧﻌﺮﻑ ﺷﺮﻭﻃﻪ ﻭﻣﺴﺎﺋﻠﻪ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻪ ؛ ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺟﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻟﻴﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺗﺠﺎﻩ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ، ﻭﻳﺒﻴﻦ ﻟﻨﺎ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﺣﻴﻦ ﺭﺅﻳﺘﻪ .
ﻟﻘﺪ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﻥ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺛﻼﺙ : ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺑﺎﻟﻴﺪ ، ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺑﺎﻟﻠﺴﺎﻥ ، ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ، ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﻭﻧﻮﻋﻪ ، ﻭﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﺎﻹﻧﻜﺎﺭ ﻭﺷﺨﺼﻪ ، ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮﺍﺕ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻐﻴﻴﺮﻩ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺑﺎﻟﻴﺪ ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮﺍﺕ ﻣﺎ ﻳﻌﺠﺰ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻋﻦ ﺗﻐﻴﻴﺮﻩ ﺑﻴﺪﻩ ﺩﻭﻥ ﻟﺴﺎﻧﻪ ، ﻭﺛﺎﻟﺜﺔ ﻻ ﻳُﻤﻜﻦ ﺗﻐﻴﻴﺮﻫﺎ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﻓﺤﺴﺐ .
ﻓﻴﺠﺐ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﺑﺎﻟﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻤﻜّﻦ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ، ﻭﻟﻢ ﻳُﺆﺩّ ﺇﻧﻜﺎﺭﻩ ﺇﻟﻰ ﻣﻔﺴﺪﺓٍ ﺃﻛﺒﺮ، ﻭﻋﻠﻴﻪ : ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﻟﻲ ﺃﻥ ﻳﻐﻴﺮ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﺇﺫﺍ ﺻﺪﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻋﻴّﺔ ، ﻭﻳﺠﺐ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺏ ﻓﻲ ﺃﻫﻞ ﺑﻴﺘﻪ، ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﻣﺪﺭﺳﺘﻪ ، ﻭﺍﻟﻤﻮﻇﻒ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻪ ، ﻭﺇﺫﺍ ﻗﺼّﺮ ﺃﺣﺪٌ ﻓﻲ ﻭﺍﺟﺒﻪ ﻫﺬﺍ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻀﻴّﻊ ﻟﻸﻣﺎﻧﺔ ، ﻭﻣﻦ ﺿﻴّﻊ ﺍﻷﻣﺎﻧﺔ ﻓﻘﺪ ﺃﺛﻢ ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺟﺎﺀﺕ ﻧﺼﻮﺹ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺗﻨﺒّﻪ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺏ ﻗﻴﺎﻣﻬﻢ ﺑﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺘﻬﻢ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﺗﺠﺎﻩ ﺭﻋﻴﺘﻬﻢ - ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ - ، ﻓﻘﺪ ﺭﻭﻯ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭ ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ، ﺃﻧﻪ ﺳﻤﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ : ( ﻛﻠﻜﻢ ﺭﺍﻉ ﻭﻣﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﺭﻋﻴﺘﻪ ، ﻓﺎﻹﻣﺎﻡ ﺭﺍﻉ ﻭﻫﻮ ﻣﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﺭﻋﻴﺘﻪ ، ﻭﺍﻟﺮﺟﻞ ﻓﻲ ﺃﻫﻠﻪ ﺭﺍﻉ ﻭﻫﻮ ﻣﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﺭﻋﻴﺘﻪ ، ﻭﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻓﻲ ﺑﻴﺖ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﺭﺍﻋﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﻣﺴﺆﻭﻟﺔ ﻋﻦ ﺭﻋﻴﺘﻬﺎ ، ﻭﺍﻟﺨﺎﺩﻡ ﻓﻲ ﻣﺎﻝ ﺳﻴﺪﻩ ﺭﺍﻉ ﻭﻫﻮ ﻣﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﺭﻋﻴﺘﻪ ، ﻓﻜﻠﻜﻢ ﺭﺍﻉ ﻭﻛﻠﻜﻢ ﻣﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﺭﻋﻴّﺘﻪ ) ، ﺑﻞ ﺇﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺪ ﺑﻴّﻦ ﻋﺎﻗﺒﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﺮﻃﻮﻥ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺎﻧﺔ ﻓﻘﺎﻝ : ( ﻣﺎ ﻣﻦ ﻋﺒﺪ ﻳﺴﺘﺮﻋﻴﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺭﻋﻴﺔ ﻓﻠﻢ ﻳﺤﻄﻬﺎ ﺑﻨﺼﺤﻪ ﺇﻻ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﺭﺍﺋﺤﺔ ﺍﻟﺠﻨﺔ ) .
ﻓﺈﺫﺍ ﻋﺠﺰ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺑﺎﻟﻴﺪ ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻧﻜﺎﺭ ﺑﺎﻟﻠﺴﺎﻥ ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ( ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﻓﺒﻠﺴﺎﻧﻪ ) ، ﻓﻴﺬﻛّﺮ ﺍﻟﻌﺎﺻﻲ ﺑﺎﻟﻠﻪ ، ﻭﻳﺨﻮّﻓﻪ ﻣﻦ ﻋﻘﺎﺑﻪ ، ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺍﻩ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎ ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ ﻭﻃﺒﻴﻌﺔ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ .
ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﻠﻤﻴﺢ ﻛﺎﻓﻴﺎ - ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ - ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ، ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ : ( ﻣﺎ ﺑﺎﻝ ﺃﻗﻮﺍﻡ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ؟ ) ، ﻭﻗﺪ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﻭﺍﻟﺘﻌﻨﻴﻒ ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺟﺎﺀﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﻭﻣﻮﺍﻗﻒ ﻛﺎﻥ ﺍﻹﻧﻜﺎﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻨﺎً ، ﻛﺈﻧﻜﺎﺭ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﻣﺔ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﺷﻔﺎﻋﺘﻪ ﻓﻲ ﺣﺪ ﻣﻦ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻭﺇﻧﻜﺎﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻟﺒﺲ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ، ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺇﻇﻬﺎﺭﻩ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻸ .
ﻭﺇﻥ ﻋﺠﺰ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﺎﻹﻧﻜﺎﺭ ﻋﻦ ﺇﺑﺪﺍﺀ ﻧﻜﻴﺮﻩ ﻓﻌﻼ ﻭﻗﻮﻻ ، ﻓﻼ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ، ﻭﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ، ﻭﻫﻲ ﻭﺍﺟﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺃﺣﺪ ، ﻭﻻ ﻳُﻌﺬﺭ ﺷﺨﺺ ﺑﺘﺮﻛﻬﺎ ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻗﻠﺒﻴّﺔ ﻻ ﻳُﺘﺼﻮّﺭ ﺍﻹﻛﺮﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﻛﻬﺎ ، ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﻓﻌﻠﻬﺎ ، ﻳﻘﻮﻝ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ : " ﺇﻥ ﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﺗﻐﻠﺒﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ : ﺟﻬﺎﺩٌ ﺑﺄﻳﺪﻳﻜﻢ ، ﺛﻢ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﺑﺄﻟﺴﻨﺘﻜﻢ ، ﺛﻢ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﺑﻘﻠﻮﺑﻜﻢ ، ﻓﻤﺘﻰ ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻑ ﻗﻠﺒﻪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﻳﻨﻜﺮ ﻗﻠﺒﻪ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﺍﻧﺘﻜﺲ " .
ﻭﺇﺫﺍ ﺿﻴﻌﺖ ﺍﻷﻣﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ ، ﻭﺃﻫﻤﻠﺖ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ ، ﻋﻤﺖ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ، ﻭﺷﺎﻉ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻓﻴﻬﺎ ، ﻭﻋﻨﺪﻫﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﻬﺪﺩﺓ ﺑﻨﺰﻭﻝ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ، ﻭﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻭﺍﻟﻤﻘﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ .
ﻭﺍﻟﻤﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻐﺎﺑﺮﺓ ، ﻳﺠﺪ ﺃﻥ ﺑﻘﺎﺀﻫﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺮﻫﻮﻧﺎ ﺑﺄﺩﺍﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺎﻧﺔ ، ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺫﻛﺮ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻣﻢ ، ﻭﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯﻫﺎ ﺃﻣﺔ ﺑﻨﻲ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻬﺎ : } ﻟﻌﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﻔﺮﻭﺍ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺩﺍﻭﺩ ﻭﻋﻴﺴﻰ ﺍﺑﻦ ﻣﺮﻳﻢ ﺫﻟﻚ ﺑﻤﺎ ﻋﺼﻮﺍ ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﺘﺪﻭﻥ ، ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻻ ﻳﺘﻨﺎﻫﻮﻥ ﻋﻦ ﻣﻨﻜﺮ ﻓﻌﻠﻮﻩ ﻟﺒﺌﺲ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ { ( ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ : - 78 79 ) .
ﻭﺗﻜﻤﻦ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ، ﺃﻥ ﻳﺄﻟﻒ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ، ﻭﻳﺰﻭﻝ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﺑﻐﻀﻪ ، ﺛﻢ ﻳﻨﺘﺸﺮ ﻭﻳﺴﺮﻱ ﻓﻴﻬﻢ ، ﻭﺗﻐﺮﻕ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ، ﻭﻳﻨﻬﺪﻡ ﺻﺮﺣﻬﺎ ، ﻭﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻳﻀﺮﺏ ﻟﻨﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﺜﻼ ﺭﺍﺋﻌﺎ ﻳﻮﺿﺢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ، ﻓﻌﻦ ﺍﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﺑﺸﻴﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ : ( ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﻴﻬﺎ ، ﻛﻤﺜﻞ ﻗﻮﻡ ﺍﺳﺘﻬﻤﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺳﻔﻴﻨﺔ ، ﻓﺄﺻﺎﺏ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺃﻋﻼﻫﺎ ﻭﺑﻌﻀﻬﻢ ﺃﺳﻔﻠﻬﺎ ، ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻓﻲ ﺃﺳﻔﻠﻬﺎ ﺇﺫﺍ ﺍﺳﺘﻘﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻣﺮّﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻓﻮﻗﻬﻢ ، ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ : ﻟﻮ ﺃﻧﺎ ﺧﺮﻗﻨﺎ ﻓﻲ ﻧﺼﻴﺒﻨﺎ ﺧﺮﻗﺎ ﻭﻟﻢ ﻧﺆﺫ ﻣﻦ ﻓﻮﻗﻨﺎ ، ﻓﺈﻥ ﻳﺘﺮﻛﻮﻫﻢ ﻭﻣﺎ ﺃﺭﺍﺩﻭﺍ ﻫﻠﻜﻮﺍ ﺟﻤﻴﻌﺎ ، ﻭﺇﻥ ﺃﺧﺬﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﻧﺠﻮﺍ ﻭﻧﺠﻮﺍ ﺟﻤﻴﻌﺎ )
ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ .
ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻫﻮ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ، ﻭﻛﻞ ﻓﺮﺩ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﺑﺄﺩﺍﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﻃﺎﻗﺘﻪ ، ﻭﺍﻟﺨﻴﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﻛﺜﻴﺮ ، ﺑﻴﺪ ﺃﻧﻨﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﻮﺩ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻔﻆ ﻟﻸﻣﺔ ﺑﻘﺎﺀﻫﺎ ، ﻭﺗﺤﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺪﻉ ﺑﻨﻴﺎﻧﻬﺎ ، ﻭﺗﺰﻋﺰﻉ ﺃﺭﻛﺎﻧﻬﺎ .
تغيير المنكر فريضة
ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ
ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺨﺪﺭﻱ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ : ﺳﻤﻌﺖ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ : ( ﻣﻦ ﺭﺃﻯ ﻣﻨﻜﻢ ﻣﻨﻜﺮﺍ ﻓﻠﻴﻐﻴﺮﻩ ﺑﻴﺪﻩ ، ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﻓﺒﻠﺴﺎﻧﻪ ، ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﻓﺒﻘﻠﺒﻪ ، ﻭﺫﻟﻚ ﺃﺿﻌﻒ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ) ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ .
ﺍﻟﺸﺮﺡ
ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺧﻴﺮﻳﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﺎ ﻭﺛﻴﻘﺎ ﺑﺪﻋﻮﺗﻬﺎ ﻟﻠﺤﻖ ، ﻭﺣﻤﺎﻳﺘﻬﺎ ﻟﻠﺪﻳﻦ ، ﻭﻣﺤﺎﺭﺑﺘﻬﺎ ﻟﻠﺒﺎﻃﻞ ؛ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻗﻴﺎﻣﻬﺎ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻳﺤﻘﻖ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺘﻤﻜﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ، ﻭﺭﻓﻊ ﺭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ، ﻭﺗﺤﻜﻴﻢ ﺷﺮﻉ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺩﻳﻨﻪ ، ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻤﻴﺰﻫﺎ ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻢ ، ﻭﻳﺠﻌﻞ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻜﺎﻧﺔ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻐﻴﺮﻫﺎ ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺍﻣﺘﺪﺣﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺣﻴﻦ ﻗﺎﻝ : } ﻛﻨﺘﻢ ﺧﻴﺮ ﺃﻣﺔ ﺃﺧﺮﺟﺖ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺗﺄﻣﺮﻭﻥ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺗﻨﻬﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﻭﺗﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﺎﻟﻠﻪ { ( ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ : 110 ) .
ﻭﻋﻼﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﻓﻲ ﺃﺩﺍﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻲ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﻕ ، ﻭﺣﻤﺎﻳﺔ ﻟﺼﺮﺣﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺼﺪﻉ ، ﻭﺣﻤﺎﻳﺔ ﻟﻬﻮﻳﺘﻪ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﺤﻼﻝ ، ﻭﺇﺑﻘﺎﺀ ﻟﺴﻤﻮﻩ ﻭﺭﻓﻌﺘﻪ ، ﻭﺳﺒﺒﺎ ﻟﻠﻨﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ ﻭﺍﻟﺘﻤﻜﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ، ﻭﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﻣﻦ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻋﻘﺎﺑﻪ .
ﻭﻟﺨﻄﻮﺭﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻭﺃﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ؛ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻌﺮﻑ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ، ﻭﻧﻌﺮﻑ ﺷﺮﻭﻃﻪ ﻭﻣﺴﺎﺋﻠﻪ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻪ ؛ ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺟﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻟﻴﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺗﺠﺎﻩ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ، ﻭﻳﺒﻴﻦ ﻟﻨﺎ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﺣﻴﻦ ﺭﺅﻳﺘﻪ .
ﻟﻘﺪ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﻥ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺛﻼﺙ : ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺑﺎﻟﻴﺪ ، ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺑﺎﻟﻠﺴﺎﻥ ، ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ، ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﻭﻧﻮﻋﻪ ، ﻭﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﺎﻹﻧﻜﺎﺭ ﻭﺷﺨﺼﻪ ، ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮﺍﺕ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻐﻴﻴﺮﻩ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺑﺎﻟﻴﺪ ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮﺍﺕ ﻣﺎ ﻳﻌﺠﺰ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻋﻦ ﺗﻐﻴﻴﺮﻩ ﺑﻴﺪﻩ ﺩﻭﻥ ﻟﺴﺎﻧﻪ ، ﻭﺛﺎﻟﺜﺔ ﻻ ﻳُﻤﻜﻦ ﺗﻐﻴﻴﺮﻫﺎ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﻓﺤﺴﺐ .
ﻓﻴﺠﺐ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﺑﺎﻟﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻤﻜّﻦ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ، ﻭﻟﻢ ﻳُﺆﺩّ ﺇﻧﻜﺎﺭﻩ ﺇﻟﻰ ﻣﻔﺴﺪﺓٍ ﺃﻛﺒﺮ، ﻭﻋﻠﻴﻪ : ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﻟﻲ ﺃﻥ ﻳﻐﻴﺮ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﺇﺫﺍ ﺻﺪﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻋﻴّﺔ ، ﻭﻳﺠﺐ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺏ ﻓﻲ ﺃﻫﻞ ﺑﻴﺘﻪ، ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﻣﺪﺭﺳﺘﻪ ، ﻭﺍﻟﻤﻮﻇﻒ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻪ ، ﻭﺇﺫﺍ ﻗﺼّﺮ ﺃﺣﺪٌ ﻓﻲ ﻭﺍﺟﺒﻪ ﻫﺬﺍ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻀﻴّﻊ ﻟﻸﻣﺎﻧﺔ ، ﻭﻣﻦ ﺿﻴّﻊ ﺍﻷﻣﺎﻧﺔ ﻓﻘﺪ ﺃﺛﻢ ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺟﺎﺀﺕ ﻧﺼﻮﺹ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺗﻨﺒّﻪ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺏ ﻗﻴﺎﻣﻬﻢ ﺑﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺘﻬﻢ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﺗﺠﺎﻩ ﺭﻋﻴﺘﻬﻢ - ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ - ، ﻓﻘﺪ ﺭﻭﻯ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭ ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ، ﺃﻧﻪ ﺳﻤﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ : ( ﻛﻠﻜﻢ ﺭﺍﻉ ﻭﻣﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﺭﻋﻴﺘﻪ ، ﻓﺎﻹﻣﺎﻡ ﺭﺍﻉ ﻭﻫﻮ ﻣﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﺭﻋﻴﺘﻪ ، ﻭﺍﻟﺮﺟﻞ ﻓﻲ ﺃﻫﻠﻪ ﺭﺍﻉ ﻭﻫﻮ ﻣﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﺭﻋﻴﺘﻪ ، ﻭﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻓﻲ ﺑﻴﺖ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﺭﺍﻋﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﻣﺴﺆﻭﻟﺔ ﻋﻦ ﺭﻋﻴﺘﻬﺎ ، ﻭﺍﻟﺨﺎﺩﻡ ﻓﻲ ﻣﺎﻝ ﺳﻴﺪﻩ ﺭﺍﻉ ﻭﻫﻮ ﻣﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﺭﻋﻴﺘﻪ ، ﻓﻜﻠﻜﻢ ﺭﺍﻉ ﻭﻛﻠﻜﻢ ﻣﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﺭﻋﻴّﺘﻪ ) ، ﺑﻞ ﺇﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺪ ﺑﻴّﻦ ﻋﺎﻗﺒﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﺮﻃﻮﻥ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺎﻧﺔ ﻓﻘﺎﻝ : ( ﻣﺎ ﻣﻦ ﻋﺒﺪ ﻳﺴﺘﺮﻋﻴﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺭﻋﻴﺔ ﻓﻠﻢ ﻳﺤﻄﻬﺎ ﺑﻨﺼﺤﻪ ﺇﻻ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﺭﺍﺋﺤﺔ ﺍﻟﺠﻨﺔ ) .
ﻓﺈﺫﺍ ﻋﺠﺰ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺑﺎﻟﻴﺪ ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻧﻜﺎﺭ ﺑﺎﻟﻠﺴﺎﻥ ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ( ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﻓﺒﻠﺴﺎﻧﻪ ) ، ﻓﻴﺬﻛّﺮ ﺍﻟﻌﺎﺻﻲ ﺑﺎﻟﻠﻪ ، ﻭﻳﺨﻮّﻓﻪ ﻣﻦ ﻋﻘﺎﺑﻪ ، ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺍﻩ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎ ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ ﻭﻃﺒﻴﻌﺔ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ .
ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﻠﻤﻴﺢ ﻛﺎﻓﻴﺎ - ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ - ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ، ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ : ( ﻣﺎ ﺑﺎﻝ ﺃﻗﻮﺍﻡ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ؟ ) ، ﻭﻗﺪ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﻭﺍﻟﺘﻌﻨﻴﻒ ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺟﺎﺀﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﻭﻣﻮﺍﻗﻒ ﻛﺎﻥ ﺍﻹﻧﻜﺎﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻨﺎً ، ﻛﺈﻧﻜﺎﺭ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﻣﺔ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﺷﻔﺎﻋﺘﻪ ﻓﻲ ﺣﺪ ﻣﻦ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻭﺇﻧﻜﺎﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻟﺒﺲ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ، ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺇﻇﻬﺎﺭﻩ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻸ .
ﻭﺇﻥ ﻋﺠﺰ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﺎﻹﻧﻜﺎﺭ ﻋﻦ ﺇﺑﺪﺍﺀ ﻧﻜﻴﺮﻩ ﻓﻌﻼ ﻭﻗﻮﻻ ، ﻓﻼ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ، ﻭﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ، ﻭﻫﻲ ﻭﺍﺟﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺃﺣﺪ ، ﻭﻻ ﻳُﻌﺬﺭ ﺷﺨﺺ ﺑﺘﺮﻛﻬﺎ ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻗﻠﺒﻴّﺔ ﻻ ﻳُﺘﺼﻮّﺭ ﺍﻹﻛﺮﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﻛﻬﺎ ، ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﻓﻌﻠﻬﺎ ، ﻳﻘﻮﻝ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ : " ﺇﻥ ﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﺗﻐﻠﺒﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ : ﺟﻬﺎﺩٌ ﺑﺄﻳﺪﻳﻜﻢ ، ﺛﻢ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﺑﺄﻟﺴﻨﺘﻜﻢ ، ﺛﻢ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﺑﻘﻠﻮﺑﻜﻢ ، ﻓﻤﺘﻰ ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻑ ﻗﻠﺒﻪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﻳﻨﻜﺮ ﻗﻠﺒﻪ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﺍﻧﺘﻜﺲ " .
ﻭﺇﺫﺍ ﺿﻴﻌﺖ ﺍﻷﻣﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ ، ﻭﺃﻫﻤﻠﺖ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ ، ﻋﻤﺖ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ، ﻭﺷﺎﻉ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻓﻴﻬﺎ ، ﻭﻋﻨﺪﻫﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﻬﺪﺩﺓ ﺑﻨﺰﻭﻝ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ، ﻭﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻭﺍﻟﻤﻘﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ .
ﻭﺍﻟﻤﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻐﺎﺑﺮﺓ ، ﻳﺠﺪ ﺃﻥ ﺑﻘﺎﺀﻫﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺮﻫﻮﻧﺎ ﺑﺄﺩﺍﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺎﻧﺔ ، ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺫﻛﺮ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻣﻢ ، ﻭﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯﻫﺎ ﺃﻣﺔ ﺑﻨﻲ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻬﺎ : } ﻟﻌﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﻔﺮﻭﺍ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺩﺍﻭﺩ ﻭﻋﻴﺴﻰ ﺍﺑﻦ ﻣﺮﻳﻢ ﺫﻟﻚ ﺑﻤﺎ ﻋﺼﻮﺍ ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﺘﺪﻭﻥ ، ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻻ ﻳﺘﻨﺎﻫﻮﻥ ﻋﻦ ﻣﻨﻜﺮ ﻓﻌﻠﻮﻩ ﻟﺒﺌﺲ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ { ( ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ : - 78 79 ) .
ﻭﺗﻜﻤﻦ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ، ﺃﻥ ﻳﺄﻟﻒ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ، ﻭﻳﺰﻭﻝ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﺑﻐﻀﻪ ، ﺛﻢ ﻳﻨﺘﺸﺮ ﻭﻳﺴﺮﻱ ﻓﻴﻬﻢ ، ﻭﺗﻐﺮﻕ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ، ﻭﻳﻨﻬﺪﻡ ﺻﺮﺣﻬﺎ ، ﻭﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻳﻀﺮﺏ ﻟﻨﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﺜﻼ ﺭﺍﺋﻌﺎ ﻳﻮﺿﺢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ، ﻓﻌﻦ ﺍﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﺑﺸﻴﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ : ( ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﻴﻬﺎ ، ﻛﻤﺜﻞ ﻗﻮﻡ ﺍﺳﺘﻬﻤﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺳﻔﻴﻨﺔ ، ﻓﺄﺻﺎﺏ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺃﻋﻼﻫﺎ ﻭﺑﻌﻀﻬﻢ ﺃﺳﻔﻠﻬﺎ ، ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻓﻲ ﺃﺳﻔﻠﻬﺎ ﺇﺫﺍ ﺍﺳﺘﻘﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻣﺮّﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻓﻮﻗﻬﻢ ، ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ : ﻟﻮ ﺃﻧﺎ ﺧﺮﻗﻨﺎ ﻓﻲ ﻧﺼﻴﺒﻨﺎ ﺧﺮﻗﺎ ﻭﻟﻢ ﻧﺆﺫ ﻣﻦ ﻓﻮﻗﻨﺎ ، ﻓﺈﻥ ﻳﺘﺮﻛﻮﻫﻢ ﻭﻣﺎ ﺃﺭﺍﺩﻭﺍ ﻫﻠﻜﻮﺍ ﺟﻤﻴﻌﺎ ، ﻭﺇﻥ ﺃﺧﺬﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﻧﺠﻮﺍ ﻭﻧﺠﻮﺍ ﺟﻤﻴﻌﺎ )
ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ .
ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻫﻮ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ، ﻭﻛﻞ ﻓﺮﺩ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﺑﺄﺩﺍﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﻃﺎﻗﺘﻪ ، ﻭﺍﻟﺨﻴﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﻛﺜﻴﺮ ، ﺑﻴﺪ ﺃﻧﻨﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﻮﺩ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻔﻆ ﻟﻸﻣﺔ ﺑﻘﺎﺀﻫﺎ ، ﻭﺗﺤﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺪﻉ ﺑﻨﻴﺎﻧﻬﺎ ، ﻭﺗﺰﻋﺰﻉ ﺃﺭﻛﺎﻧﻬﺎ .
0 Response to "syarah arbain nawawi hadits ke: 34"
Posting Komentar