syarah arbain nawawi hadits ke: 39
حديث
التجاوز عن الخطاء والنسيان
ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ
ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ :
( ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﻋﻦ ﺃﻣﺘﻲ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﻭﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ﻭﻣﺎ ﺍﺳﺘُﻜﺮﻫﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ) ﺣﺪﻳﺚ ﺣﺴﻦ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻭ ﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﻭﻏﻴﺮﻫﻤﺎ .
ﺍﻟﺸﺮﺡ
ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺗﺆﺍﺧﺬ ﻋﻠﻰ ﺃﺧﻄﺎﺋﻬﺎ ، ﻭﺗﺤﺎﺳﺐ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻓﻌﺎﻟﻬﺎ ، ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺒﺮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺠﻬﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ﺷﻔﻴﻌﺔً ﻟﻬﻢ ، ﺃﻭ ﺳﺒﺒﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺯ ﻋﻨﻬﻢ ، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻏﻼﻝ ﻗﺪ ﺭُﻓﻌﺖ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ، ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺔً ﻟﺪﻋﺎﺋﻬﻢ ، ﻭﺭﺣﻤﺔً ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻬﻢ ، ﻛﻤﺎ ﺑﻴّﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
} ﺭﺑﻨﺎ ﻻ ﺗﺆﺍﺧﺬﻧﺎ ﺇﻥ ﻧﺴﻴﻨﺎ ﺃﻭ ﺃﺧﻄﺄﻧﺎ ﺭﺑﻨﺎ ﻭﻻ ﺗﺤﻤﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺇﺻﺮﺍ ﻛﻤﺎ ﺣﻤﻠﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻨﺎ ﺭﺑﻨﺎ ﻭﻻ ﺗﺤﻤﻠﻨﺎ ﻣﺎ ﻻ ﻃﺎﻗﺔ ﻟﻨﺎ ﺑﻪ { ( ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ : 286 ) ، ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : } ﻭﻟﻴﺲ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺟﻨﺎﺡ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﺧﻄﺄﺗﻢ ﺑﻪ ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺗﻌﻤﺪﺕ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻏﻔﻮﺭﺍ ﺭﺣﻴﻤﺎ { ( ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ : 5 ) .
ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻴﻦ ﺃﻳﺪﻳﻨﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺇﻻ ﻣﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺭﻓﻊ ﺍﻷﻏﻼﻝ ﻭﺍﻵﺻﺎﺭ ﻋﻦ ﺃﻣﺔ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ، ﻭﻳﺘﺠﻠّﻰ ﺫﻟﻚ ﺇﺫﺍ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻴﻪ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ ، ﺣﺘﻰ ﺇﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺎﻝ : " ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﺷﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻓﻮﺍﺋﺪ ﻭﺃﻣﻮﺭ ﻣﻬﻤﺔ ، ﻟﻮ ﺟُﻤﻌﺖ ﻟﺒﻠﻐﺖ ﻣﺼﻨﻔﺎ " .
ﻭﺻﺪﻕ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ، ﻷﻧﻨﺎ ﺇﺫﺍ ﺗﺄﻣﻠﻨﺎ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﻴﻦ : ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺻﺎﺩﺭﺓ ﻋﻦ ﻗﺼﺪ ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻜﻠﻒ - ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺎﺳﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻭﻳﺆﺍﺧﺬ ﺑﻪ - ، ﺃﻭ ﺃﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻤﻠﻪ ﻣﺒﻨﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﻭﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺸﻤﻞ ﺍﻹﻛﺮﺍﻩ ﻭﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺨﻄﺄ ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﺒﻴﺎﻧﻪ .
ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﺨﻄﺄ ، ﻓﻬﻮ ﺃﻥ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻌﻞ ﺷﻲﺀ ، ﻓﻴﺄﺗﻲ ﻓﻌﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﻣﺮﺍﺩﻩ ، ﻓﻬﺬﺍ ﻗﺪ ﺑﻴﻨﺖ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺪ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﻋﻨﻪ ، ﻭﻟﻢ ﻳﺆﺍﺧﺬ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺑﻪ .
ﻭﻟﻌﻞ ﻣﻦ ﻟﻄﻴﻒ ﺍﻷﻣﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ، ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭ ﻣﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﻏﺰﻭﺓ ﺧﻴﺒﺮ ﻟﻤﺎ ﺗﺒﺎﺭﺯ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﺍﻷﻛﻮﻉ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻣﻊ ﻣﺸﺮﻙ ، ﻓﺄﺭﺍﺩ ﻋﺎﻣﺮ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺸﺮﻙ ﻓﺮﺟﻌﺖ ﺿﺮﺑﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻤﺎﺕ ، ﻓﺘﺤﺪﺙ ﻧﻔﺮ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﻋﺎﻣﺮﺍ ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﺒﻄﻞ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻤﻠﻪ ، ﻓﺬﻫﺐ ﺃﺧﻮﻩ ﺳﻠﻤﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻫﻮ ﻳﺒﻜﻲ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ( ﻣﺎﻟﻚ ؟ ) ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺇﻥ ﻋﺎﻣﺮﺍ
ﺑﻄﻞ ﻋﻤﻠﻪ ، ﻓﻘﺎﻝ : ( ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﺫﻟﻚ ؟ ) ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﻧﻔﺮ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺑﻚ ، ﻓﻘﺎﻝ : ( ﻛﺬﺏ ﺃﻭﻟﺌﻚ ، ﺑﻞ ﻟﻪ ﺍﻷﺟﺮ ﻣﺮﺗﻴﻦ ) ، ﻓﻔﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﺩﺛﺔ ﻟﻢ ﻳﻘﺼﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﻞ ﻧﻔﺴﻪ ، ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺸﺮﻙ ﻓﺠﺎﺀﺕ ﺿﺮﺑﺘﻪ ﻋﻠﻴﻪ ، ﻓﺒﻴﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﺧﻄﺄﻩ ﻫﺬﺍ ﻣﻌﻔﻮ ﻋﻨﻪ .
ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺭﻓﻊ ﺍﻹﺛﻢ ﻭﺍﻟﺤﺮﺝ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺨﻄﻲﺀ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻋﺪﻡ ﺗﺮﺗﺐ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺧﻄﺌﻪ ﻋﻠﻴﻪ ، ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺑﺎﻟﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﺇﺫﺍ ﻗﺘﻞ ﻣﺴﻠﻤﺎ ﺧﻄﺄ ، ﻛﻤﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ : } ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻤﺆﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﻞ ﻣﺆﻣﻨﺎ ﺇﻻ ﺧﻄﺄ ﻭﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﻣﺆﻣﻨﺎ ﺧﻄﺄ ﻓﺘﺤﺮﻳﺮ ﺭﻗﺒﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﻭﺩﻳﺔ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻪ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﺼﺪﻗﻮﺍ ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻗﻮﻡ ﻋﺪﻭ ﻟﻜﻢ ﻭﻫﻮ ﻣﺆﻣﻦ ﻓﺘﺤﺮﻳﺮ ﺭﻗﺒﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻗﻮﻡ ﺑﻴﻨﻜﻢ ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﻓﺪﻳﺔ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻪ ﻭﺗﺤﺮﻳﺮ ﺭﻗﺒﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﻓﻤﻦ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﻓﺼﻴﺎﻡ ﺷﻬﺮﻳﻦ ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﺗﻮﺑﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻤﺎ ﺣﻜﻴﻤﺎ { ( ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ : 92 ) .
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ : ﻓﻘﺪ ﺑﻴﻨﺖ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺃﻧﻪ ﻣﻌﻔﻮ ﻋﻨﻪ ، ﻭﻳﺸﻬﺪ ﻟﺬﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﺭﺑﻨﺎ ﻻ ﺗﺆﺍﺧﺬﻧﺎ ﺇﻥ ﻧﺴﻴﻨﺎ ﺃﻭ ﺃﺧﻄﺄﻧﺎ { ( ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ : 286 ) ، ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺗﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﻤﺎ ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ، ﻓﻤﻦ ﻧﺴﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻘﻀﻴﻬﺎ ﻣﺘﻰ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻫﺎ ، ﻭﻣﻦ ﻧﺴﻲ ﺍﻟﻮﺿﻮﺀ ﺛﻢ ﺻﻠّﻰ ﻓﺈﻧﻪ ﺗﻠﺰﻣﻪ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻼﺓ .
ﻭﺛﺎﻟﺚ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ : ﺍﻹﻛﺮﺍﻩ ، ﻓﻘﺪ ﻳُﻜﺮﻩ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ ﺷﻲﺀ ﻻ ﻳﺮﻳﺪﻩ ، ﻭﺣﻴﻨﺌﺬٍ ﻻ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻹﺛﻢ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺮﺝ .
ﻭﻗﺪ ﺃﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﻮﻟﻪ : } ﻣﻦ ﻛﻔﺮ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺇﻳﻤﺎﻧﻪ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺃﻛﺮﻩ ﻭﻗﻠﺒﻪ ﻣﻄﻤﺌﻦ ﺑﺎﻹﻳﻤﺎﻥ { ( ﺍﻟﻨﺤﻞ : 106 ) ﻟﻤﺎ ﺃﺟﺒﺮ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻮﻥ ﻋﻤﺎﺭ ﺑﻦ ﻳﺎﺳﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻝ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﻜﻔﺮ ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺩﻟﻴﻼ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻲ ﺍﻟﺤﺮﺝ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺎﻟﻪ ﻛﺬﻟﻚ .
ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﺜﻨﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﻻ ﺗﺪﺧﻞ ﺿﻤﻦ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺤﺮﺝ ﺑﺎﻹﻛﺮﺍﻩ ، ﻧﺤﻮ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﻤﻌﺼﻮﻣﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺰﻧﺎ ﻭﻧﺤﻮ ﺫﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﺫﻛﺮﻩ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻔﻘﻪ .
ﻭﺣﺎﺻﻞ ﺍﻷﻣﺮ ، ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻦ ﺃﻭﺿﺢ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻳُﺴﺮ ﻣﻨﻬﺞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺳﻤﺎﺣﺘﻪ ، ﻛﻤﺎ ﺇﻧﻪ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻓﻀﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻢ ، ﺣﻴﺚ ﺧﻔّﻒ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﻢ ﻗﺒﻠﻬﺎ، ﻓﻠﻠﻪ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻭﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ .
التجاوز عن الخطاء والنسيان
ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ
ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ :
( ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﻋﻦ ﺃﻣﺘﻲ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﻭﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ﻭﻣﺎ ﺍﺳﺘُﻜﺮﻫﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ) ﺣﺪﻳﺚ ﺣﺴﻦ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻭ ﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﻭﻏﻴﺮﻫﻤﺎ .
ﺍﻟﺸﺮﺡ
ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺗﺆﺍﺧﺬ ﻋﻠﻰ ﺃﺧﻄﺎﺋﻬﺎ ، ﻭﺗﺤﺎﺳﺐ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻓﻌﺎﻟﻬﺎ ، ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺒﺮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺠﻬﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ﺷﻔﻴﻌﺔً ﻟﻬﻢ ، ﺃﻭ ﺳﺒﺒﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺯ ﻋﻨﻬﻢ ، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻏﻼﻝ ﻗﺪ ﺭُﻓﻌﺖ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ، ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺔً ﻟﺪﻋﺎﺋﻬﻢ ، ﻭﺭﺣﻤﺔً ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻬﻢ ، ﻛﻤﺎ ﺑﻴّﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
} ﺭﺑﻨﺎ ﻻ ﺗﺆﺍﺧﺬﻧﺎ ﺇﻥ ﻧﺴﻴﻨﺎ ﺃﻭ ﺃﺧﻄﺄﻧﺎ ﺭﺑﻨﺎ ﻭﻻ ﺗﺤﻤﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺇﺻﺮﺍ ﻛﻤﺎ ﺣﻤﻠﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻨﺎ ﺭﺑﻨﺎ ﻭﻻ ﺗﺤﻤﻠﻨﺎ ﻣﺎ ﻻ ﻃﺎﻗﺔ ﻟﻨﺎ ﺑﻪ { ( ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ : 286 ) ، ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : } ﻭﻟﻴﺲ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺟﻨﺎﺡ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﺧﻄﺄﺗﻢ ﺑﻪ ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺗﻌﻤﺪﺕ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻏﻔﻮﺭﺍ ﺭﺣﻴﻤﺎ { ( ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ : 5 ) .
ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻴﻦ ﺃﻳﺪﻳﻨﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺇﻻ ﻣﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺭﻓﻊ ﺍﻷﻏﻼﻝ ﻭﺍﻵﺻﺎﺭ ﻋﻦ ﺃﻣﺔ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ، ﻭﻳﺘﺠﻠّﻰ ﺫﻟﻚ ﺇﺫﺍ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻴﻪ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ ، ﺣﺘﻰ ﺇﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺎﻝ : " ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﺷﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻓﻮﺍﺋﺪ ﻭﺃﻣﻮﺭ ﻣﻬﻤﺔ ، ﻟﻮ ﺟُﻤﻌﺖ ﻟﺒﻠﻐﺖ ﻣﺼﻨﻔﺎ " .
ﻭﺻﺪﻕ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ، ﻷﻧﻨﺎ ﺇﺫﺍ ﺗﺄﻣﻠﻨﺎ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﻴﻦ : ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺻﺎﺩﺭﺓ ﻋﻦ ﻗﺼﺪ ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻜﻠﻒ - ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺎﺳﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻭﻳﺆﺍﺧﺬ ﺑﻪ - ، ﺃﻭ ﺃﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻤﻠﻪ ﻣﺒﻨﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﻭﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺸﻤﻞ ﺍﻹﻛﺮﺍﻩ ﻭﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺨﻄﺄ ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﺒﻴﺎﻧﻪ .
ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﺨﻄﺄ ، ﻓﻬﻮ ﺃﻥ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻌﻞ ﺷﻲﺀ ، ﻓﻴﺄﺗﻲ ﻓﻌﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﻣﺮﺍﺩﻩ ، ﻓﻬﺬﺍ ﻗﺪ ﺑﻴﻨﺖ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺪ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﻋﻨﻪ ، ﻭﻟﻢ ﻳﺆﺍﺧﺬ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺑﻪ .
ﻭﻟﻌﻞ ﻣﻦ ﻟﻄﻴﻒ ﺍﻷﻣﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ، ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭ ﻣﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﻏﺰﻭﺓ ﺧﻴﺒﺮ ﻟﻤﺎ ﺗﺒﺎﺭﺯ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﺍﻷﻛﻮﻉ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻣﻊ ﻣﺸﺮﻙ ، ﻓﺄﺭﺍﺩ ﻋﺎﻣﺮ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺸﺮﻙ ﻓﺮﺟﻌﺖ ﺿﺮﺑﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻤﺎﺕ ، ﻓﺘﺤﺪﺙ ﻧﻔﺮ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﻋﺎﻣﺮﺍ ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﺒﻄﻞ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻤﻠﻪ ، ﻓﺬﻫﺐ ﺃﺧﻮﻩ ﺳﻠﻤﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻫﻮ ﻳﺒﻜﻲ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ( ﻣﺎﻟﻚ ؟ ) ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺇﻥ ﻋﺎﻣﺮﺍ
ﺑﻄﻞ ﻋﻤﻠﻪ ، ﻓﻘﺎﻝ : ( ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﺫﻟﻚ ؟ ) ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﻧﻔﺮ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺑﻚ ، ﻓﻘﺎﻝ : ( ﻛﺬﺏ ﺃﻭﻟﺌﻚ ، ﺑﻞ ﻟﻪ ﺍﻷﺟﺮ ﻣﺮﺗﻴﻦ ) ، ﻓﻔﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﺩﺛﺔ ﻟﻢ ﻳﻘﺼﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﻞ ﻧﻔﺴﻪ ، ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺸﺮﻙ ﻓﺠﺎﺀﺕ ﺿﺮﺑﺘﻪ ﻋﻠﻴﻪ ، ﻓﺒﻴﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﺧﻄﺄﻩ ﻫﺬﺍ ﻣﻌﻔﻮ ﻋﻨﻪ .
ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺭﻓﻊ ﺍﻹﺛﻢ ﻭﺍﻟﺤﺮﺝ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺨﻄﻲﺀ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻋﺪﻡ ﺗﺮﺗﺐ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺧﻄﺌﻪ ﻋﻠﻴﻪ ، ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺑﺎﻟﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﺇﺫﺍ ﻗﺘﻞ ﻣﺴﻠﻤﺎ ﺧﻄﺄ ، ﻛﻤﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ : } ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻤﺆﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﻞ ﻣﺆﻣﻨﺎ ﺇﻻ ﺧﻄﺄ ﻭﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﻣﺆﻣﻨﺎ ﺧﻄﺄ ﻓﺘﺤﺮﻳﺮ ﺭﻗﺒﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﻭﺩﻳﺔ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻪ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﺼﺪﻗﻮﺍ ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻗﻮﻡ ﻋﺪﻭ ﻟﻜﻢ ﻭﻫﻮ ﻣﺆﻣﻦ ﻓﺘﺤﺮﻳﺮ ﺭﻗﺒﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻗﻮﻡ ﺑﻴﻨﻜﻢ ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﻓﺪﻳﺔ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻪ ﻭﺗﺤﺮﻳﺮ ﺭﻗﺒﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﻓﻤﻦ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﻓﺼﻴﺎﻡ ﺷﻬﺮﻳﻦ ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﺗﻮﺑﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻤﺎ ﺣﻜﻴﻤﺎ { ( ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ : 92 ) .
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ : ﻓﻘﺪ ﺑﻴﻨﺖ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺃﻧﻪ ﻣﻌﻔﻮ ﻋﻨﻪ ، ﻭﻳﺸﻬﺪ ﻟﺬﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﺭﺑﻨﺎ ﻻ ﺗﺆﺍﺧﺬﻧﺎ ﺇﻥ ﻧﺴﻴﻨﺎ ﺃﻭ ﺃﺧﻄﺄﻧﺎ { ( ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ : 286 ) ، ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺗﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﻤﺎ ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ، ﻓﻤﻦ ﻧﺴﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻘﻀﻴﻬﺎ ﻣﺘﻰ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻫﺎ ، ﻭﻣﻦ ﻧﺴﻲ ﺍﻟﻮﺿﻮﺀ ﺛﻢ ﺻﻠّﻰ ﻓﺈﻧﻪ ﺗﻠﺰﻣﻪ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻼﺓ .
ﻭﺛﺎﻟﺚ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ : ﺍﻹﻛﺮﺍﻩ ، ﻓﻘﺪ ﻳُﻜﺮﻩ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ ﺷﻲﺀ ﻻ ﻳﺮﻳﺪﻩ ، ﻭﺣﻴﻨﺌﺬٍ ﻻ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻹﺛﻢ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺮﺝ .
ﻭﻗﺪ ﺃﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﻮﻟﻪ : } ﻣﻦ ﻛﻔﺮ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺇﻳﻤﺎﻧﻪ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺃﻛﺮﻩ ﻭﻗﻠﺒﻪ ﻣﻄﻤﺌﻦ ﺑﺎﻹﻳﻤﺎﻥ { ( ﺍﻟﻨﺤﻞ : 106 ) ﻟﻤﺎ ﺃﺟﺒﺮ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻮﻥ ﻋﻤﺎﺭ ﺑﻦ ﻳﺎﺳﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻝ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﻜﻔﺮ ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺩﻟﻴﻼ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻲ ﺍﻟﺤﺮﺝ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺎﻟﻪ ﻛﺬﻟﻚ .
ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﺜﻨﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﻻ ﺗﺪﺧﻞ ﺿﻤﻦ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺤﺮﺝ ﺑﺎﻹﻛﺮﺍﻩ ، ﻧﺤﻮ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﻤﻌﺼﻮﻣﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺰﻧﺎ ﻭﻧﺤﻮ ﺫﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﺫﻛﺮﻩ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻔﻘﻪ .
ﻭﺣﺎﺻﻞ ﺍﻷﻣﺮ ، ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻦ ﺃﻭﺿﺢ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻳُﺴﺮ ﻣﻨﻬﺞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺳﻤﺎﺣﺘﻪ ، ﻛﻤﺎ ﺇﻧﻪ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻓﻀﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻢ ، ﺣﻴﺚ ﺧﻔّﻒ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﻢ ﻗﺒﻠﻬﺎ، ﻓﻠﻠﻪ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻭﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ .
0 Response to "syarah arbain nawawi hadits ke: 39"
Posting Komentar