syarah arbain nawawi hadits ke: 41
حديث
إتباع النبي صلى الله عليه وسلم
ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ
ﻋﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﺎﺹ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻗﺎﻝ : ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ( ﻻ ﻳُﺆﻣﻦ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮﺍﻩ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻤﺎ ﺟﺌﺖ ﺑﻪ ) ﺣﺪﻳﺚ ﺻﺤﻴﺢ ﺭُﻭﻳﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺤﺠّﺔ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺻﺤﻴﺢ .
ﺍﻟﺸﺮﺡ
ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﻱﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﺮﺹ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺳﻴﺨﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﺔ ، ﺍﻻﻧﻘﻴﺎﺩ ﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻭﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻪ ، ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺼﺒﺢ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﺻﺎﺩﺭﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺮﻉ ، ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺄﺣﻜﺎﻣﻪ ، ﻭﺣﻴﻨﺌﺬٍ ﺗﺘﻜﺎﻣﻞ ﺟﻮﺍﻧﺐ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻓﻲ ﻭﺟﺪﺍﻧﻪ ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻌﻨﺎ : ( ﻻ ﻳُﺆﻣﻦ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮﺍﻩ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻤﺎ ﺟﺌﺖ ﺑﻪ ) .
ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﺪﻟﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﺑﻴﺎﻥ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﺰﺍﻡ ﻣﻨﻬﺞ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ، ﻭﺍﻹﺫﻋﺎﻥ ﻷﺣﻜﺎﻣﻪ ﻭﺷﺮﺍﺋﻌﻪ ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺇﺫﺍ ﺭﺿﻲ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺭﺑﺎ ﻭﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﺩﻳﻨﺎ ﻭﺑﻤﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻧﺒﻴﺎ ، ﺣﻤﻠﻪ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺤﻜّﻢ ﺷﺮﻉ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ، ﻓﻴﺤﻞ ﺣﻼﻟﻪ ، ﻭﻳﺤﺮﻡ ﺣﺮﺍﻣﻪ ، ﻭﻳﺤﺐ ﻣﺎ ﺩﻋﺎ ﺇﻟﻴﻪ ، ﻭﻳﺒﻐﺾ ﻣﺎ ﻧﻬﻰ ﻋﻨﻪ ، ﻭﻻ ﻳﺠﺪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺿﻴﻘﺎ ﺃﻭ ﺗﺒﺮﻣﺎ ، ﺑﻞ ﺇﻧﻨﺎ ﻧﻘﻮﻝ : ﻻ ﻳﻌﺪ ﺇﻳﻤﺎﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺻﺎﺩﻗﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﻘﻴﺎﺩ ﻇﺎﻫﺮﺍ ﻭﺑﺎﻃﻨﺎ ، ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ، ﻛﻤﺎ ﺩﻝّ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﻓﻼ ﻭﺭﺑﻚ ﻻ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﺣﺘﻰ ﻳﺤﻜﻤﻮﻙ ﻓﻴﻤﺎ ﺷﺠﺮ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺛﻢ ﻻ ﻳﺠﺪﻭﺍ ﻓﻲ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺣﺮﺟﺎ ﻣﻤﺎ ﻗﻀﻴﺖ ﻭﻳﺴﻠﻤﻮﺍ ﺗﺴﻠﻴﻤﺎ { ( ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ : 56 ) .
ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺃﻥ ﻳﺤﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻓﻮﻕ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ، ﻭﻳﻘﺪّﻡ ﺃﻣﺮﻫﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺃﻣﺮ ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﻗﻞ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺁﺑﺎﺅﻛﻢ ﻭﺃﺑﻨﺎﺅﻛﻢ ﻭﺇﺧﻮﺍﻧﻜﻢ ﻭﺃﺯﻭﺍﺟﻜﻢ ﻭﻋﺸﻴﺮﺗﻜﻢ ﻭﺃﻣﻮﺍﻝ ﺍﻗﺘﺮﻓﺘﻤﻮﻫﺎ ﻭﺗﺠﺎﺭﺓ ﺗﺨﺸﻮﻥ ﻛﺴﺎﺩﻫﺎ ﻭﻣﺴﺎﻛﻦ ﺗﺮﺿﻮﻧﻬﺎ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻴﻜﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﺟﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻪ ﻓﺘﺮﺑﺼﻮﺍ ﺣﺘﻰ ﻳﺄﺗﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺄﻣﺮﻩ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﻬﺪﻱ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺍﻟﻔﺎﺳﻘﻴﻦ { ( ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ : 24 ) .
ﻭﻟﺴﻨﺎ ﻧﺮﻳﺪ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻣﺠﺮﺩ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺗﻘﺎﻝ ، ﺃﻭ ﺷﻌﺎﺭﺍﺕ ﺗﺮﻓﻊ ، ﻻ ﺗﺜﻤﺮ ﻋﻤﻼ ﻭﻻ ﺍﻧﻘﻴﺎﺩﺍ ، ﻓﺈﻥ ﻟﻜﻞ ﻣﺤﺒﺔ ﺩﻟﻴﻼ ، ﻭﺩﻟﻴﻞ ﺻﺪﻕ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﺍﻟﻤﺤﺒﻮﺏ ﻓﻲ ﻣﺮﺍﺩﻩ ، ﻭﻋﺪﻡ ﺇﺗﻴﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﻜﺮﻫﻪ ﺃﻭﻳﺒﻐﻀﻪ ، ﻭﺇﻻ ﻓﻬﻲ ﺩﻋﺎﻭﻯ ﻻ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻟﻬﺎ ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ : " ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﺩّﻋﻰ ﻣﺤﺒﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻟﻢ ﻳﻮﺍﻓﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺃﻣﺮﻩ ﻓﺪﻋﻮﺍﻩ ﺑﺎﻃﻠﺔ " .
ﻭﺇﻧﻚ ﻟﺘﻘﺮﺃ ﻓﻲ ﺳﻴﺮ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﻭﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﻢ ، ﻓﺘﻌﺘﺮﻳﻚ ﺍﻟﺪﻫﺸﺔ ﺣﻴﻦ ﺗﺠﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻻﻣﺘﺜﺎﻝ ﺍﻟﻔﻮﺭﻱ ﻟﻠﺪﻳﻦ ، ﺩﻭﻥ ﺗﺄﺧﻴﺮ ﺃﻭ ﺇﺑﻄﺎﺀ ، ﻭﺍﺳﺘﻤﻊ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﺲ
ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﺼﻒ ﻟﻨﺎ ﻣﺸﻬﺪﺍ ﻣﻦ ﻏﺰﻭﺓ ﺧﻴﺒﺮ ﻓﻴﻘﻮﻝ : " ﺃﺻﺒﻨﺎ ﺣﻤﺮﺍ ﻓﻄﺒﺨﻨﺎﻫﺎ ، ﻓﻨﺎﺩﻯ ﻣﻨﺎﺩﻱ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ : ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻳﻨﻬﻴﺎﻧﻜﻢ ﻋﻦ ﻟﺤﻮﻡ ﺍﻟﺤﻤﺮ ، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺭﺟﺲ ، ﻓﺄﻛﻔﺌﺖ ﺍﻟﻘﺪﻭﺭ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ، ﻭﺇﻧﻬﺎ ﻟﺘﻔﻮﺭ ﺑﺎﻟﻠﺤﻢ " ، ﻭﻗﺮﻳﺐٌ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﺫﻛﺮ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﺗﺤﺮﻳﻢ ﺍﻟﺨﻤﺮ ، ﺇﺫ ﺍﻣﺘﻸﺕ ﻃﺮﻕ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﺎﻟﺨﻤﻮﺭ ﺍﻟﻤﺮﺍﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ، ﻫﺬﺍ ﻣﻊ ﺷﺪﺓ ﺣﺒﻬﻢ ﻟﻬﺎ ، ﻭﺗﻌﻠﻘﻬﻢ ﺑﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ، ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ – ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ – ﻗﺪﻣﻮﺍ ﺭﺿﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻮﻕ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ، ﻭﻟﻢ ﻳﺘﻘﺎﻋﺴﻮﺍ ﻋﻦ ﻃﺎﻋﺘﻪ ﻃﺮﻓﺔ ﻋﻴﻦ .
ﻭﻛﻔﻰ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻻﻧﻘﻴﺎﺩ ﺛﻤﺮﺓ ﺃﻥ ﻳﺠﺪ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ ﺣﻼﻭﺓ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﻟﺬﺗﻪ ، ﻓﻘﺪ ﺭﻭﻯ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭ ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ، ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ : ( ﺛﻼﺙ ﻣﻦ ﻛﻦ ﻓﻴﻪ ﻭﺟﺪ ﺑﻬﻦ ﺣﻼﻭﺓ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ : - ﻭﺫﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ - ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻤﺎ ﺳﻮﺍﻫﻤﺎ ) .
ﻭﺇﺫﺍ ﻋﺪﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ( ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮﺍﻩ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻤﺎ ﺟﺌﺖ ﺑﻪ ) ﻟﻌﻠﻤﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ ﻫﻲ ﺇﺧﻀﺎﻉ ﺭﻏﺒﺎﺕ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﻣﺮﺍﺩﻫﺎ ﻷﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﺸﺮﻉ ، ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺤﺼﻞ ﺍﻟﺘﻮﺍﻓﻖ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﺑﻴﻦ ﺭﻏﺒﺎﺗﻬﺎ ﻭﺑﻴﻦ ﻣﺮﺍﺩ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ، ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻣﺮ ﻋﺴﻴﺮ ، ﺇﺫ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﻔﻄﻮﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﻬﻮﻯ ﻭﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺴﻮﺀ ، ﻓﺠﺎﺀ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻟﻴﺒﻴّﻦ ﺃﻥ ﺍﻛﺘﻤﺎﻝ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻣﺮﻫﻮﻥ ﺑﺎﻻﻧﻘﻴﺎﺩ ﻟﻠﺸﺮﻉ ، ﻭﻟﻢ ﻳﻌﻠّﻖ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ، ﺍﻟﻤﺠﺒﻮﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺐ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻭﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺭﺣﻢ ﺍﻟﻠﻪ .
ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻧﺪﺭﻙ ﺃﻥ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺍﻟﻬﻮﻯ ﺗﺘﻄﻠّﺐ ﻫﻤّﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ، ﻭﻋﺰﻳﻤﺔ ﺻﺎﺩﻗﺔ ، ﻓﻼ ﻋﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺟﻬﺎﺩ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ( ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﺃﻥ ﻳﺠﺎﻫﺪ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻫﻮﺍﻩ )
ﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻨﺠﺎﺭ ﻭﺻﺤّﺤﻪ ﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ .
ﺑﻘﻲ ﺃﻥ ﻧﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻗﺪ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺻﺤّﺘﻪ ، ﻓﺎﻹﻣﺎﻡ
ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ – ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻇﺎﻫﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺘﻦ – ﻳﺼﺤّﺢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ، ﻭﺗﺒﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺃﺑﻮ ﻧﻌﻴﻢ ﻭﻏﻴﺮﻫﻤﺎ ، ﻛﻤﺎ ﻭﺛّﻖ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﺍﻟﻌﺴﻘﻼﻧﻲ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺴﻨﺪ ، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ ﺭﺟﺐ ﻗﺪ ﺣﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﺎﻟﻀﻌﻒ ، ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻀﻌﻒ ﺃﺣﺪ ﺭﻭﺍﺗﻪ .
ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀ ﺑﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻟﻪ ﺃﺻﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ، ﻭﻗﺪ ﺃﺷﺎﺭﺕ ﻧﺼﻮﺹ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ - ﻛﻤﺎ ﺑﻴﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ - ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﻮﻓﻖ .
إتباع النبي صلى الله عليه وسلم
ﻣﺘﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ
ﻋﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﺎﺹ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻗﺎﻝ : ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ( ﻻ ﻳُﺆﻣﻦ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮﺍﻩ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻤﺎ ﺟﺌﺖ ﺑﻪ ) ﺣﺪﻳﺚ ﺻﺤﻴﺢ ﺭُﻭﻳﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺤﺠّﺔ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺻﺤﻴﺢ .
ﺍﻟﺸﺮﺡ
ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﻱﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﺮﺹ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺳﻴﺨﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﺔ ، ﺍﻻﻧﻘﻴﺎﺩ ﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻭﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻪ ، ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺼﺒﺢ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﺻﺎﺩﺭﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺮﻉ ، ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺄﺣﻜﺎﻣﻪ ، ﻭﺣﻴﻨﺌﺬٍ ﺗﺘﻜﺎﻣﻞ ﺟﻮﺍﻧﺐ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻓﻲ ﻭﺟﺪﺍﻧﻪ ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻌﻨﺎ : ( ﻻ ﻳُﺆﻣﻦ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮﺍﻩ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻤﺎ ﺟﺌﺖ ﺑﻪ ) .
ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﺪﻟﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﺑﻴﺎﻥ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﺰﺍﻡ ﻣﻨﻬﺞ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ، ﻭﺍﻹﺫﻋﺎﻥ ﻷﺣﻜﺎﻣﻪ ﻭﺷﺮﺍﺋﻌﻪ ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺇﺫﺍ ﺭﺿﻲ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺭﺑﺎ ﻭﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﺩﻳﻨﺎ ﻭﺑﻤﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻧﺒﻴﺎ ، ﺣﻤﻠﻪ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺤﻜّﻢ ﺷﺮﻉ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ، ﻓﻴﺤﻞ ﺣﻼﻟﻪ ، ﻭﻳﺤﺮﻡ ﺣﺮﺍﻣﻪ ، ﻭﻳﺤﺐ ﻣﺎ ﺩﻋﺎ ﺇﻟﻴﻪ ، ﻭﻳﺒﻐﺾ ﻣﺎ ﻧﻬﻰ ﻋﻨﻪ ، ﻭﻻ ﻳﺠﺪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺿﻴﻘﺎ ﺃﻭ ﺗﺒﺮﻣﺎ ، ﺑﻞ ﺇﻧﻨﺎ ﻧﻘﻮﻝ : ﻻ ﻳﻌﺪ ﺇﻳﻤﺎﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺻﺎﺩﻗﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﻘﻴﺎﺩ ﻇﺎﻫﺮﺍ ﻭﺑﺎﻃﻨﺎ ، ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ، ﻛﻤﺎ ﺩﻝّ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﻓﻼ ﻭﺭﺑﻚ ﻻ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﺣﺘﻰ ﻳﺤﻜﻤﻮﻙ ﻓﻴﻤﺎ ﺷﺠﺮ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺛﻢ ﻻ ﻳﺠﺪﻭﺍ ﻓﻲ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺣﺮﺟﺎ ﻣﻤﺎ ﻗﻀﻴﺖ ﻭﻳﺴﻠﻤﻮﺍ ﺗﺴﻠﻴﻤﺎ { ( ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ : 56 ) .
ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺃﻥ ﻳﺤﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻓﻮﻕ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ، ﻭﻳﻘﺪّﻡ ﺃﻣﺮﻫﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺃﻣﺮ ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﻗﻞ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺁﺑﺎﺅﻛﻢ ﻭﺃﺑﻨﺎﺅﻛﻢ ﻭﺇﺧﻮﺍﻧﻜﻢ ﻭﺃﺯﻭﺍﺟﻜﻢ ﻭﻋﺸﻴﺮﺗﻜﻢ ﻭﺃﻣﻮﺍﻝ ﺍﻗﺘﺮﻓﺘﻤﻮﻫﺎ ﻭﺗﺠﺎﺭﺓ ﺗﺨﺸﻮﻥ ﻛﺴﺎﺩﻫﺎ ﻭﻣﺴﺎﻛﻦ ﺗﺮﺿﻮﻧﻬﺎ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻴﻜﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﺟﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻪ ﻓﺘﺮﺑﺼﻮﺍ ﺣﺘﻰ ﻳﺄﺗﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺄﻣﺮﻩ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﻬﺪﻱ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺍﻟﻔﺎﺳﻘﻴﻦ { ( ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ : 24 ) .
ﻭﻟﺴﻨﺎ ﻧﺮﻳﺪ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻣﺠﺮﺩ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺗﻘﺎﻝ ، ﺃﻭ ﺷﻌﺎﺭﺍﺕ ﺗﺮﻓﻊ ، ﻻ ﺗﺜﻤﺮ ﻋﻤﻼ ﻭﻻ ﺍﻧﻘﻴﺎﺩﺍ ، ﻓﺈﻥ ﻟﻜﻞ ﻣﺤﺒﺔ ﺩﻟﻴﻼ ، ﻭﺩﻟﻴﻞ ﺻﺪﻕ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﺍﻟﻤﺤﺒﻮﺏ ﻓﻲ ﻣﺮﺍﺩﻩ ، ﻭﻋﺪﻡ ﺇﺗﻴﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﻜﺮﻫﻪ ﺃﻭﻳﺒﻐﻀﻪ ، ﻭﺇﻻ ﻓﻬﻲ ﺩﻋﺎﻭﻯ ﻻ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻟﻬﺎ ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ : " ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﺩّﻋﻰ ﻣﺤﺒﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻟﻢ ﻳﻮﺍﻓﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺃﻣﺮﻩ ﻓﺪﻋﻮﺍﻩ ﺑﺎﻃﻠﺔ " .
ﻭﺇﻧﻚ ﻟﺘﻘﺮﺃ ﻓﻲ ﺳﻴﺮ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﻭﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﻢ ، ﻓﺘﻌﺘﺮﻳﻚ ﺍﻟﺪﻫﺸﺔ ﺣﻴﻦ ﺗﺠﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻻﻣﺘﺜﺎﻝ ﺍﻟﻔﻮﺭﻱ ﻟﻠﺪﻳﻦ ، ﺩﻭﻥ ﺗﺄﺧﻴﺮ ﺃﻭ ﺇﺑﻄﺎﺀ ، ﻭﺍﺳﺘﻤﻊ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﺲ
ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﺼﻒ ﻟﻨﺎ ﻣﺸﻬﺪﺍ ﻣﻦ ﻏﺰﻭﺓ ﺧﻴﺒﺮ ﻓﻴﻘﻮﻝ : " ﺃﺻﺒﻨﺎ ﺣﻤﺮﺍ ﻓﻄﺒﺨﻨﺎﻫﺎ ، ﻓﻨﺎﺩﻯ ﻣﻨﺎﺩﻱ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ : ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻳﻨﻬﻴﺎﻧﻜﻢ ﻋﻦ ﻟﺤﻮﻡ ﺍﻟﺤﻤﺮ ، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺭﺟﺲ ، ﻓﺄﻛﻔﺌﺖ ﺍﻟﻘﺪﻭﺭ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ، ﻭﺇﻧﻬﺎ ﻟﺘﻔﻮﺭ ﺑﺎﻟﻠﺤﻢ " ، ﻭﻗﺮﻳﺐٌ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﺫﻛﺮ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﺗﺤﺮﻳﻢ ﺍﻟﺨﻤﺮ ، ﺇﺫ ﺍﻣﺘﻸﺕ ﻃﺮﻕ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﺎﻟﺨﻤﻮﺭ ﺍﻟﻤﺮﺍﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ، ﻫﺬﺍ ﻣﻊ ﺷﺪﺓ ﺣﺒﻬﻢ ﻟﻬﺎ ، ﻭﺗﻌﻠﻘﻬﻢ ﺑﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ، ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ – ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ – ﻗﺪﻣﻮﺍ ﺭﺿﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻮﻕ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ، ﻭﻟﻢ ﻳﺘﻘﺎﻋﺴﻮﺍ ﻋﻦ ﻃﺎﻋﺘﻪ ﻃﺮﻓﺔ ﻋﻴﻦ .
ﻭﻛﻔﻰ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻻﻧﻘﻴﺎﺩ ﺛﻤﺮﺓ ﺃﻥ ﻳﺠﺪ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ ﺣﻼﻭﺓ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﻟﺬﺗﻪ ، ﻓﻘﺪ ﺭﻭﻯ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭ ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ، ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ : ( ﺛﻼﺙ ﻣﻦ ﻛﻦ ﻓﻴﻪ ﻭﺟﺪ ﺑﻬﻦ ﺣﻼﻭﺓ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ : - ﻭﺫﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ - ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻤﺎ ﺳﻮﺍﻫﻤﺎ ) .
ﻭﺇﺫﺍ ﻋﺪﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ( ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮﺍﻩ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻤﺎ ﺟﺌﺖ ﺑﻪ ) ﻟﻌﻠﻤﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ ﻫﻲ ﺇﺧﻀﺎﻉ ﺭﻏﺒﺎﺕ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﻣﺮﺍﺩﻫﺎ ﻷﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﺸﺮﻉ ، ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺤﺼﻞ ﺍﻟﺘﻮﺍﻓﻖ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﺑﻴﻦ ﺭﻏﺒﺎﺗﻬﺎ ﻭﺑﻴﻦ ﻣﺮﺍﺩ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ، ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻣﺮ ﻋﺴﻴﺮ ، ﺇﺫ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﻔﻄﻮﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﻬﻮﻯ ﻭﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺴﻮﺀ ، ﻓﺠﺎﺀ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻟﻴﺒﻴّﻦ ﺃﻥ ﺍﻛﺘﻤﺎﻝ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻣﺮﻫﻮﻥ ﺑﺎﻻﻧﻘﻴﺎﺩ ﻟﻠﺸﺮﻉ ، ﻭﻟﻢ ﻳﻌﻠّﻖ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ، ﺍﻟﻤﺠﺒﻮﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺐ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻭﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺭﺣﻢ ﺍﻟﻠﻪ .
ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻧﺪﺭﻙ ﺃﻥ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺍﻟﻬﻮﻯ ﺗﺘﻄﻠّﺐ ﻫﻤّﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ، ﻭﻋﺰﻳﻤﺔ ﺻﺎﺩﻗﺔ ، ﻓﻼ ﻋﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺟﻬﺎﺩ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ( ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﺃﻥ ﻳﺠﺎﻫﺪ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻫﻮﺍﻩ )
ﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻨﺠﺎﺭ ﻭﺻﺤّﺤﻪ ﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ .
ﺑﻘﻲ ﺃﻥ ﻧﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻗﺪ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺻﺤّﺘﻪ ، ﻓﺎﻹﻣﺎﻡ
ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ – ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻇﺎﻫﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺘﻦ – ﻳﺼﺤّﺢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ، ﻭﺗﺒﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺃﺑﻮ ﻧﻌﻴﻢ ﻭﻏﻴﺮﻫﻤﺎ ، ﻛﻤﺎ ﻭﺛّﻖ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﺍﻟﻌﺴﻘﻼﻧﻲ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺴﻨﺪ ، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ ﺭﺟﺐ ﻗﺪ ﺣﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﺎﻟﻀﻌﻒ ، ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻀﻌﻒ ﺃﺣﺪ ﺭﻭﺍﺗﻪ .
ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀ ﺑﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻟﻪ ﺃﺻﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ، ﻭﻗﺪ ﺃﺷﺎﺭﺕ ﻧﺼﻮﺹ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ - ﻛﻤﺎ ﺑﻴﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ - ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﻮﻓﻖ .
0 Response to "syarah arbain nawawi hadits ke: 41"
Posting Komentar